شاهدت فى جنازة أحمد فاروق

Posted: 25 نوفمبر 2011 in خواطر

 ربما كانت المرة الأولى فى حياتى التى اشهد فيها جنازة شهيد ، و ربما لا تكون الأخيرة ، و لكن تلك اللحظات التى عشتها فى تلك الجنازة ستبقى من أهم اللحظات فى حياتى ، و ربما كانت فرقاناً لى فى أمور كثيرة ، ربما لا يسعنى الحديث عنها الآن ، و لكن تبقى مشاهد عدة من تلك الجنازة محفورة فى ذهنى و أذهان الكثيرين ممن شاركوا فى ذلك الموقف غير المألوف على بلدتنا الهادئة ، و ربما يغير كثيراً مما فى أذهان من حضروا المشهد ، لن أفسر أو أحلل أو أبرر ، و لن تساعدنى الكلمات و التشبيهات و الجماليات فى وصف الموقف ، لكننى سأحكى عن مشاهد لن أنساها ، سأحكى عما شاهدت فى جنازة الشهيد أحمد فاروق حسين ..

شاهدت فى جنازة أحمد فاروق حسين المئات من الناس من كل حدب و صوب يشيعون أخاهم و صديقهم و ابن بلدتهم إلى مثواه الأخير ..

شاهدت فى جنازة أحمد فاروق حسين الأمطار التى لم تمنع الناس من التوافد على الجنازة بأعداد كبرى ..

شاهدت فى جنازة أحمد فاروق حسين دموعاً تذرفها الأعين ليست كأى دموع ، و بكاءً ليس كأى بكاء على ميت ..

شاهدت فى جنازة أحمد فاروق حسين القلوب و الوجوه تختلط فيها مشاعر الحزن مع الفخر مع الغضب مع الأمل ..

شاهدت فى جنازة أحمد فاروق حسين إخوانيين و سلفيين و ليبراليين و يساريين و شيوعيين ، شاهدت أغلب الحاضرين لا ينتمون لفصيل معين ، شاهدت مسلمين و مسيحيين ، شاهدت شباباً و شيوخاً من كل الفئات و الطبقات ، لولا أنى أعرف الكثيرين منهم لما عرفت أبداً أيهم ينتمى إلى اتجاه أو حزب أو جماعة أو فصيل ..

شاهدت فى جنازة أحمد فاروق حسين مسيحيين يرفعون أيديهم إلى السماء و يتجهون نحو القبلة و يؤمنون بالدعاء خلف الإمام المسلم ..

شاهدت فى جنازة أحمد فاروق حسين من يعترضون على بعض المخالفات الشرعية للجنازة مثل الهتاف و خلافه ، و شاهدت من طالبهم بترك الناس لإفراغ ما فى الصدور ، لأن الموقف ليس كأى موقف ، و المتوفى ليس كأى متوفى ..

شاهدت فى جنازة أحمد فاروق حسين من انفلتت أعصابه و لم يستطع السيطرة على مشاعره و غضبه على قتلة الثوار و على من يدافع عنهم ، و وجدت الكثيرين حوله يحاولون تهدئته و منع أى شخص من الرد عليه ..

شاهدت فى جنازة أحمد فاروق حسين من غلبته الحماسة الغاضبة لمقتل صديقه فقام بمهاجمة فصيل معين بأعلى صوته و اتهمه بالخيانة للثورة و الشهداء فى وجه رموز هذا الفصيل ، و شاهدت رموز هؤلاء الفصيل فى منتهى الهدوء لا يردون بل و يمنعون أى شخص من الرد قائلين ” الناس معذورة يا جماعة .. الله يكون فى عونهم و عون الجميع ” ..

شاهدت فى جنازة أحمد فاروق حسين من أهين من أحد الأشخاص يرد بالهدوء و الابتسامة و الدعاء للشهيد و تهدئة العوام ..

شاهدت فى جنازة أحمد فاروق حسين العقلاء أكثر كثيراً من الحمقى و الجهلاء ..

 ببساطة ..

شاهدت فى جنازة أحمد فاروق حسين مصر الحقيقية ، مصر العظيمة التى لن تنهار و لن تسقط أبداً مهما حاول المجرمون و أتباعهم من الحمقى و الجهلاء الترويج لذلك المعنى ..

شاهدت فى جنازة أحمد فاروق حسين دماء شهيد ترسم لنا خريطة الأمل لهذا الوطن الذى قررنا أن يكون لنا لا لغيرنا ، تذكى روحاً تسرى فى قلب الوطن بعد موات ، تشعل جذوة كفاح و جهاد ضد طغاة تجبروا و تكبروا ، و ترشدنا إلى طريق حرية نبحث عنها و كرامة سلبت مننا و نهضة نسعى جميعاً إليها ..

رحم الله أحمد فاروق حسين ..

رحم الله الشهداء و تقبلهم عنده فى الصالحين و أسكنهم الفردوس الأعلى .. و نسأله تعالى ألا يحرمنا هذا الشرف

عاشت مصر حرة رغم أنوف الطغاة .. و الثورة مستمرة

زيـــاد رشـــدى

24-11-2011

التعليقات
  1. Mohammed Atta كتب:

    الله يرحمك يا رب وربنا عالم اللى جوايا واللى انا حاسس بيه يا احمد ..
    وانتا مش كنت بالنسبه لينا اى شخص .. انتا كنت اغلى واحد فى حياتنا كلنا !
    وربنا يصبرنا على فراقك و انشاء الله كل اللى انتا كنت هتعمله لياسين هيحصل وهتفتخر بيــه
    وانشاء الله نلتقى فى الجنه يا أبو يــاسيـن ..

  2. نطلب من الله الرحمة و العفو لصديقنا أحمد و يعيننا علي اعادة حقه و الصبر علي هذا البلاء

  3. ebn el waleed كتب:

    رحمة الله عليك أخى وصديقى الغالى .. فات اسبوع على فراقك يا أحمد .. وللآن لا أصدق وكأنك فى أجازة أسبوع ومنتظر عودتك .. دمت لنا أخا وصديقا

اترك رداً على Ahmed Tamam Tita إلغاء الرد